• Jun 19, 2025

المشاهد الوحيد

  • Maryam alameen
  • 1 comment

ماذا لو لم يكن هنالك متفرج؟ ماذا لو كانت ذاتك هي المشاهد الوحيد لقصتك؟ يا ترى ما الذي سيتغير في حياتك؟ من ستكون؟ ماذا ستفعل بطريقة مختلفة عن ذي قبل؟

الفترة الماضية تفكرت بكيف ان مجتمعاتنا بُنيت على فكرة الأداء و ترسخت عميقاً بداخلنا فكرة عمل شيء لأن يوجد مُراقب و متفرجين يراقبوننا. نحسب لهم ألف حساب ، نحاول إما نرضيهم أو نتحداهم أو نثبت لهم

مما جعلنا نركز على الأداء الذي يجعلنا صالحين أو ناجحين في أعين هؤلاء المتفرجين.

أصبحت الأعمال و الأفعال تستند على الكم أكثر من الكيف؟ ، صار الانجاز و الانتهاء من الامر و وضع علامة تم أهم من كيف اشعر خلال رحلة و عملية عمل الشيء …اي شيء.

تكوّن من عمر مبكر التركيز على المتفرجين و تم إهمال أول و أهم مشاهد و شاهد على قصتك، ذاتك!

هذا المشاهد الذي تم هجره من وقت طويل فلا علاقة حقيقية تجمعنا فيه ، فلم يعد يهم رأيه ، شعوره و منظوره للقصة. بل و حتى اصبحنا نرفض و لا نقبل رأيه لأن أراء بقية المتفرجين أهم!

و استبدلنا رأيه بصوت ناقذ جلاد بداخلنا يريد المزيد و المزيد من الأداء لكي نرضي محيطنا و مجتمعنا و نستمر في كوننا ننتمي لشيء!

و أصبحنا نلبس قناع الأداء حتى أمام خالقنا! ، في عباداتنا و صلواتنا لعله يغفر لنا قصورنا و خطايانا. دون ان نبني علاقة جوهرية مع هذا الخالق.

فيروس الأداء Performance Bug

يتمحور بأكمله

حول ما تفعل و ليس ما تكون

حول السطح و ليس العمق

حول القشرة و ليس الجوهر

صارت حتى المفاهيم العميقة التي تحمل في طياتها الكثير من الحقيقة ، تُمدق بالماء و تُخفف إلى ان تصبح سطحية مثيرة للانفصال اكثر من الاتصال.

ان الطفل الذي بداخلنا بوابة لأشياء مهمة ، من ضمنها الأصالة

و هي الشيء الذي يعاكس ان نحيا من الأداء - أن نكون أصيلين حقيقيين ، متصلين ، حاضرين خلال تفاصيل الرحلة.

الرحلة لدينا هي أهم أجزاء الوصول.

كلما زادت فجوة انفصالنا عن هذا الطفل، ازدادت هيمنة فيروس الأداء على المشهد. لأنه ببساطة نحن نريد ان ننتمي! و ما لم ننتمي لذواتنا إذاً سننتمي لآخر!.

الانتماء الذي يجعلنا قلقين ، مضطربين و متعلقين (نحيا بأحد أنماط التعلق) و نألف الأداء كوسيلة تواصل و حفاظ على ما نملك. فهذا ليس بإنتماء حقيقي مبني على الذات بل انتماء وهمي مبني على كم من الوقت سأتمسك بهذا الطرف الآخر!

فصار حتى في علاقاتنا اهم شيء نبين سعداء و عندنا كل شيء ، بس مش المغزى الأساسي كيف قاعد يكون جوهر هالعلاقات و مدى انسجامنا معها و انسجام الآخر معنا و مدى ترابطنا الحقيقي.

صارت الغاية تُبرر الوسيلة و صارت الصورة و المظهر أهم مما يكمن في الجوهر.

هذه العدوى تمتد لمرحلة و بُعد التشافي ، لتبدأ قصة الأداء تصبح عبارة عن القفز من تدريب لتدريب، من كورس لكورس و من جلسة لجلسة و من كتاب لكتب و من…إلى… ، بغية التأكيد أني أفعل ما هو كافي.

و اني انتمي لمجتمع الواعيين و اني اتابع المحتوى الفلاني و اتردد على مختلف المدربين و المعالجين بغية ان يغير هذا فقط حياتي ، دون ان اسمح لكل ما اتعلمه و استثمر وقتي في متابعته ان يغيرني بشكل حقيقي

ان يغير فكري ، شعوري ، عاطفتي و سلوكي و طاقتي.

ان يغيرني من حالة الاداء و محاولة اثبات انني اتغير و ان التغيير يتم بأفعالي ، إلى ان التغيير الحقيقي في عودتي لفطرة من أكون (لأصالتي).

في التخلي عن هوية القشرة و السطحية التي أدمنت ان أُعرف نفسي من خلالها و اسعى لأجل إبقائها.

و التذكر ان الفارق الحقيقي ليس مدرب ، معالج ، تقنية ، كورس ، قناة او فيديو. بل أنت الفارق.

انفتاحك ان تسمح لصوتك الداخلي ان يقودك لحيث يتم تمكين جوهرك و فقط تحفيز يقظته كفيل بأن يساعدك ان تتذكر ما نسيت انه طوال الوقت بداخلك.

الهدف أن أعود لأصالتي ، ان أعود للمسرح الأول حين لم يكن هنالك أي متفرج و مشاهد عدى ذاتي.

ذاتي التي تحمل بهجتي و إجاباتي ، و تدل طريق أعمق أمنياتي.

التشافي هو أحد اهم مختصرات الطريق لذاتك، و ذاتك هي الهدف من كامل هذه الرحلة.

فالهدف ليس تحقق هدف الزواج ليكملني ، بل علاقة منسجمة مع شخص تلتقي قيمنا و نترافق الرحلة بوعي داخل علاقة مقدسة تنتج أطفال كالهدايا لهذا العالم.

و الهدف ليس الوظيفة ، بل مساحة أنفع فيها و أسمح لنفسي بالتعلم و الابداع فيها و ان اتقاضى أجر مجزي و مُرضي على هذا.

و الهدف ليس المال في حد ذاته ، بل المرونة و السعة في الخيارات و عيش الوفرة التي ترضيني و التي المال (أداة من الادوات) لتحقيقها و ليس كل المشهد.

و الهدف ليس قراءة المئة كتاب ، بل استقبال وعي الكاتب و الشعور و الابداع الذي استثمره في كل كتاب يقع بين يدي.

الهدف ان اسمح لذاتي ان تختبر معنى و اثر كل ما سبق بعدسة الروح و العقل و الجسد.

عدستك أنت ، بعينيك و بصرك و بصيرتك.

و لكن قبيل ان تعود لهذه النقطة. لابد أن أن تعود لذاك المشاهد الداخلي و تسأل: من كنت سأكون إن لم يتواجد أي متفرج في عالمي الخارجي؟

في درب التشافي الذاتي أرافقك في رحلة العودة لذاك المشاهد الداخلي لإعادة انشاء علاقة مع ذاتك من جديد تبدأها من شفاء جروحك العاطفية.

ابدأ رحلتك اليوم في درب التشافي الذاتي و العودة للأصالة و المشاهد الذي بداخلك.

1 comment

jrc8886@gmail.comAug 18

كلام ممتاز ودقيقه بارك الله جهودع

Sign upor login to leave a comment